أحمد النفيلي
وصل قطار بطولة كأس الأمم الأوروبية الرابعة عشرة إلى محطته الأخيرة معلناً فوز المنتخب الإسباني باللقب للمرة الثانية على التوالي عقب فوزه على نظيره الإيطالي في المباراة النهائية التي استضافها الاستاد الأولمبي في العاصمة الأوكرانية كييف أمام قرابة 83 ألف متفرج.
استمتع الجمهور وعشاق كرة القدم على مدار ثلاثة أسابيع بواحدة من أقوى بطولات الأمم الأوروبية على مدار تاريخها وأكثرها ندية وجذباً للمشاهدين، وشهدت منافسات "يورو 2012" العديد من الظواهر المهمة التي جعلتها تكتب بحروف من ذهب في سجلات تاريخ الأمم الأوربية منذ أن انطلقت عام 1960، وهو ما جعلنا نتعرض بالتحليل والرصد لهذه الظواهر للوقوف على أبرز سمات البطولة والأسباب المنطقية لتألق بعض المنتخبات ووصولها بقوة إلى الأدوار النهائية وأسباب الخروج المبكر لمنتخبات أخرى كان وداعها الحزين صدمة حقيقية للعديد من عشاق كرة القدم في العالم أجمع.
دور أول مشتعل
يمكن القول إن الدور الأول تميز على نحو كبير جداً بتقارب المستويات في جميع المجموعات وتعلّق آمال أغلب المنتخبات حتى اليوم الأخير، كما أن تحولات شديدة ودراماتيكية شهدها هذا الدور تمثل في خروج فرق بدأت البطولة بقوّة وحقّقت الفوز في مبارياتها الأولى ثم تعرّضت لهزات كبرى أدّت إلى وداعها للمنافسات مبكّراً، فالمنتخب الروسي الذي غرّد في صدارة المجموعة الأولى منذ اليوم الأوّل بعد أن تغلّب على نظيره التشيكي بأربعة أهداف مقابل هدف عاد وودّع البطولة بوجه دراماتيكي عقب خسارته أمام المنتخب اليوناني حامل لقب البطولة قبل الماضية بهدف نظيف، فيما ودّع الكروات البطولة على نحو مأساوي وهم الذين اكتسحوا جمهورية أيرلندا في المرحلة الأولى بثلاثة أهداف مقابل هدف، وأخيراً لم يشفع الفوز على منتخب السويد القوي بهدفين مقابل هدف واحد لمنتخب الدولة المنظّمة أوكرانيا في التأهّل إلى الدور الثاني عقب تلقيه هزيمتين (0-2) أمام فرنسا و(0-1) أمام إنكلترا.
وعلى النقيض تماماً فهناك منتخبات بدأت البطولة ضعيفة أو مهتزّة المستوى ثم تمكّنت من تقديم أداء قوي عقب ذلك فاجأت به الجميع وتأهّلت من خلاله إلى رُبع النهائي، وبالتأكيد في مقدمة تلك المنتخبات، المنتخب التشيكي الذي افتتح البطولة بسقوط مدوٍّ أمام الروس ثم استفاق عقب ذلك وحقّق فوزين صعبين على اليونان (2-1) ثم على بولندا صاحبة الأرض والجمهور (0-1)، فيما افتتح المنتخب البرتغالي مباريات المجموعة الثانية بأداء باهت وهزيمة أمام الماكينات الألمانية، ثم استفاق عقب ذلك وحقّق فوزاً بالغ الصعوبة على نظيره الدنماركي بثلاثة أهداف مقابل هدفين قبل أن ينجو من فخ الطواحين الهولندية ويتغلّب عليها (2-1) في مباراة تقدّم فيها المنتخب الهولندي بهدف مبكر، وبالطبع لا يمكن أن ننسى المنتخب الإنكليزي الذي شكّك الكثيرون في إمكانية تأهّله إلى الدور الثاني عقب غياب عدد من أبرز لاعبيه عن تشكيلته بداعي الإصابة، إذ إن الفريق الملقّب بمنتخب الأسود الثلاثة شارك في البطولة دون فرانك لامبارد وغاريث باري إضافة إلى المدافع الصلب غاري كاهيل، وافتتح الإنكليز مسيرتهم في البطولة بتعادل صعب أمام فرنسا، ومع ذلك تمكّن الفريق من إنهاء مشاركته في الدور الأوّل بتصدّر المجموعة الرابعة الصعبة بعد جمعه سبع نقاط.
وأخيراً فإن دور المجموعات لم يخلُ من المفاجآت المدوّية لتكتمل أركان المُتعة، فودّعت روسيا بغرابة شديدة رغم أدائها الممتع، وخرجت هولندا صاحبة أقوى خط هجوم وأبرز تأهّل في التصفيات على نحو مؤسف بعد أن تلقّت ثلاث هزائم في المجموعة الثانية مع امتلاكها كتيبة هجومية متميّزة ضمّت روبن فان بيرسي هدّاف الدوري الإنكليزي وكلاس يان هونتيلار هدّاف الدوري الألماني، كلُّ هذه العوامل جعلتنا نطلق بامتياز على الدور الأوّل من "يورو 2012" : دور الإثارة والمتعة.