جبـرتنا الآلام أن نقـول ذلك !!
حصيلة بوفرة تلك التي نختزنها في جعبة تجاربنا .. فنحن عقلنا بعضنا جيداً
.. وتعلمنا بعضنا جيداً .. ونعرف تلك المساحات الممنوحة والمسموحة .. كما
نعرف جيداً تلك المحظورة والممنوعة .. والسنوات الطويلة كانت كفيلة بأن
نعرف إشارات بعضنا بمجرد التلميح .. نحن مسموح لنا الخوض في كل شئ مبطناً
دون الشفافية .. في كل شئ نريده .. وممنوع علينا تعدي تلك الفواصل الحمراء
لا من بعيد ولا من قريب .. ذكر الأسماء مباشرة من الكبائر التي تورد
المهالك .. وذكر البلاد بالثناء والمدح مباح ومتاح .. ولكن ذكر البلاد
بالنقد حتى ولو كان بناءً يعتبر تعدي واهانة ما بعدها اهانة .. وكذلك ذكر
أهل بلاد بالتقصير والتفريط والإهمال والغباء يعتبر من الجرائم التي تشعل
الحروب .. ولو حاولنا أن نشير لبلد من البلاد في الساحة المبطنة والمسموح
بها لنا .. نستطيع أن نقول أن هناك في بلد ما ظل شعب يخوض حرباً أهليةً لا
معنى لها منذ عشرات السنين .. حتى أصبحت البلاد مقسمة وكالحة .. شوارعها
الآن أصبحت معمورة بالأشباح وحملة السلاح .. والشعب فيها يعاني أشد أنواع
المجاعة .. نرى هياكل الأطفال الذين يعانون من الجوع والفقر .. ونرى تلك
الصور المفجعة التي تناقلها وكالات الإغاثة عن مجموعات تموت على قارعات
الطرق .. التشرد والعطالة والبطالة في دول الجوار .. كما نرى نباتات العشر
في شوارعها التي كانت في يوم من الأيام تمثل عاصمة حضارية .. والحروب
الأهلية تحدث وتقع في أية دولة .. ولكن في العادة لها نهايات مهما طالت ..
ونهاياتها تأتي من ثقافة وتقدم شعوبها وأبناءها الحادبين على مصلحة بلادهم
.. وتأتي بالجلوس في طاولات الحوار والأخذ والرد .. أما في تلك الدولة
المتحاربة والمتناحرة لسنوات طويلة بعناد ما بعده عناد .. نستطيع أن نقول
أيضاً في نطاق التبطين بأن شعب تلك الدولة أثبت بأنه ليس بجدير أن يوصف
بذلك الشعب الواعي .. إنما شعب في أدنى درجات التخلف وليس فيهم أحد رشيد أو
فئة رشيدة تستطيع أن تقود تلك الأشلاء والفتات إلى بر الأمان .. فهنا
التبطين يفيدنا بالتلميح ولكن نعلم الحد الذي يفرض عدم الخوض في الأسماء ..
حيث طغت العادات والمفاهيم البينية لزوم المجاملات على ضروريات كانت تفترض
أن تكون بشفافية من أجل الإصلاح والترقي والتقدم .. ونحن نعلم في قراره
أنفسنا بأن ذلك المقاتل الذي ظل يحارب دون هدف في حربه تلك .. من السهل
عليه أن يجعل الهدف لفراغ أخر كما فعل طوال السنوات الماضية .. والحقيقة
الكل بدأ يدرك جيداً الآن أن ذلك الرجل الذي أطيح به في حينه والذي كنا
نعده من المتسلطين الذين يستحقون الموت قد أثبت حالياً وهو ميت بأنه كان
مقلوباً على أمره في قيادة شعب ما زال تحت الصفر في الوعي والإدراك .. ذلك
الشعب الذي أثبت حقيقة أنه في ذيلية الشعوب من التأخر والبدائية .. وإلا
فإذا كانوا يرون أنفسهم غير ذلك فليثبتوا لنا خلاف ذلك .. ويجلسوا في
طاولات الحوار وينقذوا ما بقي من أشلاء بلادهم . فهم الآن أبعد من ساحات
البطولات وأقرب إلى شلل العصابات والنهب .. وذلك لعمري إفلاس في المقامات
.. وتدني في مستوى رقي الشعوب . وإياك أعني يا جار ويا أبن الانتماء . وذاك
القميص مفصل ومقاس بمعايير الأسواق والذي يجد في القياس ما يطابق حاله
فليلبس ولا يلوم أحداً إذا كانت المقاييس منفردة ولا تماثل باقي القياسات
في الأسواق . وفي النهاية الدين النصيحة .
ودي ومحبتي